انخفاض التضخّم يخفي عثرات الميل الأخير في رحلة البنوك المركزية
أفضى الانخفاض الحاد للتضخم في الاقتصادات المتقدمة إلى مواجهة بين الأسواق والبنوك المركزية حول الموعد المتوقع لانخفاض تكاليف الاقتراض، فمن ناحية، تحذر البنوك المركزية من أن الوقت لا يزال مبكراً للغاية لإعلان الانتصار في معركتها الرامية إلى استقرار الأسعار، لكن المستثمرين من ناحية أخرى يحتفلون بالفعل بالرهان على مدى قرب خفض أسعار الفائدة.
سيكون مسار التضخم محورياً في تحديد أي الجانبين سيفوز في هذا النزال، لكن ثمة عوامل عدة، مثل استقرار أسعار الطاقة وقوة نمو الأجور، تهدد بتأجيل إكمال صانعي السياسة لـ«الميل الأخير» من رحلة خفض التضخم وإعادته إلى المستهدف البالغ 2%.
وحذر يواكيم ناجل، محافظ المركزي الألماني، هذا الأسبوع، من أن «الطريق غير ممهدة أمامنا، بسبب تقلبات ارتفاع وانخفاض للتضخم في المستقبل القريب». ويبني المستثمرون حساباتهم على أن أول خفض للفائدة سيكون بمقدار ربع نقطة مئوية، من جانب كل من الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي في يونيو المقبل، ثم يتبع ذلك خفضان أو ثلاثة فيما يتبقى من العام 2024. لكن يُرجَّح إقرار بنك إنجلترا تحركاته في وقت لاحق، على أن يشرع في خفض الفائدة للمرة الأولى في أغسطس، ويتبع هذا القرار خفض أو اثنان قبل نهاية العام.
وهذه التوقعات، التي يتم قياسها على أساس اتجاهات التسعير في أسواق المقايضة، طفت على السطح رغم التحذيرات المتكررة من صنّاع السياسة بأن الفوائد ستظل مرتفعة خلال العام المقبل. وكانت كريستين لاغارد، رئيسة المركزي الأوروبي، نوهت الأسبوع الماضي بأن «بدء إعلان الانتصار» ضد التضخم سابق لأوانه، محذرة من معاودته التسارع من جديد «في الأشهر المقبلة» مع خفوت القوى الدافعة لعملية انخفاضه. وعقدت إيزابيل شنابل، زميلتها في عضوية مجلس إدارة المركزي الأوروبي، مقارنة بين المرحلة التالية من عملية انخفاض التضخم بالمرحلة الأخيرة من سباقات المسافات الطويلة.
ويتوقع يواكيم ناغل عودة تضخم منطقة اليورو فوق مستوى 3%، مع سحب قرارات دعم الطاقة التي كبحت الأسعار. ويتفق غالبية خبراء الاقتصاد مع هذا الرأي، إذ يرجحون عودة تضخم منطقة اليورو للارتفاع إلى 3.5% في ديسمبر، كما يرجحون بقاءه أعلى من 2% حتى بداية 2025 على الأقل، بحسب متوسط توقعات جمعته «كونسينسس إكونوميكس».
ولجأ مسؤولون آخرون في بنوك مركزية إلى استعارات رياضية مماثلة لتثبيط الحماس بشأن تباطؤ التضخم، وصداً للتساؤلات حول موعد بدء خفض الفائدة، فقد استخدم جيروم باول، رئيس الفيدرالي، للدلالة على ذلك، مصطلحاً لحركة خادعة في كرة السلة، مصرحاً هذا الشهر بأن بيانات الأسعار المشجعة لبضعة أشهر لن «تضلله»، خاصة أن «التضخم سبق وأن خدعنا ببضع محاورات بالرأس». وألمح كريستوفر والر، وهو واحد من أكثر صنّاع السياسة تبنياً لآراء متشددة، إلى استبعاده مواصلة رفع الفائدة، بل يمكن خفضها إذا استمر تباطؤ التضخم، لكن وجهات نظره إزاء الخفض المحتمل للفائدة تظل بمعزل إلى حد ما عن بقية صانعي السياسة.
وتراجع التضخم السنوي العام في الولايات المتحدة إلى 3.2% في أكتوبر، بعد تسارعه منذ يونيو، لكن تتوقع «كونسينسس إكونوميكس» بقاءه أعلى 3% حتى يناير 2024، على أن يتباطأ إلى 2.4% فقط بنهاية ذلك العام. وحذر جوناثان هاسكل، العضو الخارجي بلجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا، هذا الأسبوع، من أن ضغوط سوق العمل وانخفاض نمو الإنتاجية لم يدعا سبيلاً لكثير من الأمل بشأن خفض أسعار فائدة المملكة المتحدة «عما قريب».
وبلغ التضخم بالمملكة المتحدة معدل 4.6% في أكتوبر، منخفضاً من ذروة بلغت 11.1% منذ عام، لكن بنك إنجلترا يرجح تراجعه إلى 3% بنهاية 2024، على أن يستغرق عاماً إضافياً ليصل إلى 2%. وصرح ديف رامسدن، نائب محافظ بنك إنجلترا، الأسبوع الماضي: «نحن أكثر قلقاً من التوقعات المستقلة بشأن طول استمراره على هذا النحو».
وهناك عوامل عدة من شأنها إطالة الأمد الذي ستستغرقه الاقتصادات المتقدمة لإعادة خفض التضخم إلى مستوى 2% الحاسم وتجعل منها مهمة شاقة؛ عامل منها هو التصحيح الهبوطي الحاد لأسعار الطاقة بعد الطفرة التي طرأت عليها منذ عام بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية الذي ألقى بظلاله على البيانات. ولعبت الانخفاضات على أساس سنوي في أسعار طاقة المستهلكين دوراً كبيراً في تراجع معدل التضخم العام. وفي الولايات المتحدة، تراجعت أسعار الطاقة 4.5% على أساس سنوي في أكتوبر، لكنها هوت بنسبة 11.2% في منطقة اليورو.
لكن يُتوقع خفوت هذا التأثير مع استقرار التضخم السنوي للطاقة، وقد يعود إلى النطاق الموجب من جديد. كذلك، تشهد أسعار الأغذية تباطؤاً منذ أشهر عدة، بعدما بلغت ذروتها عند 17.9% في مارس بمنطقة اليورو، ويُرجح انخفاضها دون 7% في نوفمبر.
وذكر سامي الشعّار، كبير خبراء الاقتصاد لدى «لومبارد أودييه»، أن تباطؤ التضخم كان «سريعاً بسبب التأثيرات الأساسية، لكن ما سيأتي قدماً سيكون حتماً بطيئاً». وأوضح أن «الأمر نفسه في كل مكان»، حتى وإن كان تراجع التضخم بدأ في وقت أبكر في بعض الدول الناشئة ثم ظهر في الولايات المتحدة، ثم تبع ذلك أوروبا.
وهناك عنصر مهم آخر حددته البنوك المركزية يُرجّح إبقاء التضخم مرتفعاً، وهو النمو السريع للأجور، وهم ما يدفع تكاليف شركات الخدمات كثيفة العمالة للارتفاع، لتمررها هي بدورها إلى العملاء في صورة أسعار أعلى. وقد أكدت ذلك بيانات المركزي الأوروبي المتعلقة بالأجور المتفاوض عليها في منطقة اليورو خلال الأسبوع الماضي، فأظهرت تسارعها إلى 4.7% في الربع الثالث، مقارنة مع 4.4% في الربع السابق. وحسبما أشار كلاوس فيستيسن، الخبير الاقتصادي لدى «بانثيون ماكرو إكونوميكس»: «يؤكد ذلك المشهد الذي ينطوي على تضخم أساسي ما زال ثابتاً»، وهو ما «سيعزز عزيمة صنّاع السياسة بالمركزي الأوروبي في تمسكهم بموقفهم المتشدد».
وسجل تضخم الخدمات في أكتوبر 4.6% بمنطقة اليورو، بدعم ارتفاع الأجور، و5.1% في الولايات المتحدة، و6.6% في المملكة المتحدة. وتوقع بنك إنجلترا بقاء تضخم الخدمات أعلى 6% حتى ربيع 2024. ولفت رامسدن: «الخدمات قطاع كثيف العمالة بالاقتصاد، وسيستغرق خفضه وقتاً أطول».
وتوقع خبراء الاقتصاد لدى «جيه بي مورغان»، الأسبوع الماضي، بقاء التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء، عند قرابة 3% في الاقتصاد العالمي خلال أغلب العام المقبل، «ويعود هذا إلى حد كبير لاستمرار الضغوط التصاعدية على تكاليف العمالة وأسعار الخدمات».
ثمّة عامل آخر يقف وراء استمرار ارتفاع التضخم، هو سحب تدابير الدعم الحكومية الرامية إلى حماية المستهلكين والشركات من تأثير الجائحة وأزمة الطاقة.
وقلّصت فرنسا دعمها لأسعار الكهرباء في الأشهر الأخيرة؛ ما دفع تضخم الطاقة للارتفاع. ومن المقرر أن تعكس ألمانيا في يناير المقبل تخفيضاً لضريبة القيمة المضافة على المطاعم من 21% إلى 7%، وهو القرار المعمول به منذ الجائحة. ويتوقع توماش فيلاديك، كبير خبراء الاقتصاد المختصين بالشأن الأوروبي لدى «تي رو برايس» للاستثمارات، إضافة ارتفاع الضرائب 0.6 نقطة مئوية لمؤشر التضخم الألماني العام.
وفي حين أن الميل الأخير قد يكون الأبطأ لكل من صنّاع السياسة والمستثمرين، لكن الشعّار يرى أن انخفاض التضخم العام ينبئ بتحسن معنويات الأسر، مع لحاق الأجور بركب تصاعد التكاليف. واختتم بالقول: «ينبئ هذا بشكل من أشكال القوى الشرائية خلال العام المقبل».
في عام 2017، شهدنا تقدمًا كبيرًا في مجال التكنولوجيا، حيث تم تطوير العديد من التقنيات الجديدة والمبتكرة التي غيّرت العالم بشكل جذري. كان هذا العام حافلاً بالابتكارات التقنية التي أثرت على مجموعة متنوعة من المجالات بما في ذلك الاتصالات، والطب، والطاقة، والترفيه، والتعليم. في هذا المقال، سنلقي نظرة على أبرز التقنيات التي ظهرت في عام 2017 وكيف أثرت على حياتنا. ### 1. الذكاء الاصطناعي (AI) وتعلم الآلة (Machine Learning): في عام 2017، زادت الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل كبير. شهدنا تطويرًا ملحوظًا في تقنيات تعلم الآلة، والتي أصبحت تستخدم في تطبيقات مثل الترجمة الآلية، والاستشعار الذكي، وتحليل البيانات الكبيرة. كانت الشركات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات والتنبؤ بسلوك المستهلكين.
### 2. الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR): شهد عام 2017 استمرار تطور تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز. تم تطوير نظارات VR وAR متقدمة وأجهزة أكثر قوة. بدأت هذه التقنيات توجيهها نحو الأعمال والتعليم والطب وألعاب الفيديو والترفيه. ### 3. الهواتف الذكية والتقنيات المحمولة: أطلقت العديد من الشركات الهواتف الذكية الجديدة في عام 2017، مع تركيز على الكاميرات المتطورة والأداء السريع. تم تحسين تقنيات التعرف على الوجوه والمساعدين الشخصي مثل Siri وGoogle Assistant. بدأت الهواتف الذكية أيضًا في دعم تقنيات الشحن اللاسلكي.
### 4. الشبكات اللاسلكية الجيل الخامس (5G): عام 2017 شهد إعلانات واختبارات عديدة لتقنية الشبكات اللاسلكية الجيل الخامس (5G)، وهي تقنية وعدت بسرعات إنترنت أعلى بكثير من الجيل السابق (4G). يتوقع أن تسهم تقنية 5G في تحسين التوصيلات اللاسلكية وتمكين التطبيقات الجديدة مثل السيارات الذاتية القيادة والواقع الافتراضي. ### 5. الشركات الناشئة والتكنولوجيا: شهد عام 2017 زيادة كبيرة في استثمارات رأس المال الاستثماري في الشركات الناشئة التكنولوجية. هذا العام شهد ظهور العديد من الشركات الناشئة الواعدة في مجالات مثل التكنولوجيا النقالة، والتعلم الآلي، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية. ### 6. التحسينات في القيادة الذاتية: ازداد الاهتمام بالسيارات الذكية والقيادة الذاتية في عام 2017. شهدنا تحسينات في تقنيات القيادة الذاتية واختبارات أكبر على الطرق العامة. بدأت الشركات تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال السيارات لجعلها أكثر ذكاءً وأمانًا.
### 7. تكنولوجيا البيئة والطاقة المتجددة: زاد الاهتمام بتكنولوجيا البيئة والطاقة المتجددة في عام 2017. تم تطوير تقنيات أكثر كفاءة لاستخدام الطاقة الشمسية والرياح والمصادر البيئية الأخرى بكفاءة أكبر، مما ساهم في تقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة والحف اظ على الموارد الطبيعية. ### 8. الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D Printing): استمرت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في التطور في عام 2017، حيث توسع استخدامها في مجموعة واسعة من الصناعات بما في ذلك الصناعة والطب وتصميم المجوهرات. تمكنت الشركات والأفراد من إنتاج أشياء مادية باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد. ### 9. الأمان السيبراني وحماية البيانات: مع زيادة التفاعل عبر الإنترنت، زادت قضايا الأمان السيبراني وحماية البيانات في عام 2017. تم تطوير أساليب الهجمات السيبرانية وزادت الحاجة إلى حماية المعلومات الشخصية والتجارية من الاختراقات السيبرانية.
### 10. التكنولوجيا الطبية: في مجال التكنولوجيا الطبية، شهدنا في عام 2017 تطويرًا كبيرًا في مجموعة متنوعة من التقنيات مثل أجهزة القياس الطبية الذكية والأدوات الجراحية المتقدمة. تحسنت تقنيات تخزين ومشاركة الملفات الطبية مع توجيهها نحو السجلات الإلكترونية والرعاية الصحية عن بعد. ### اختتام: إن عام 2017 كان عامًا استثنائيًا في مجال التكنولوجيا، حيث شهد تقدمًا كبيرًا في مجموعة واسعة من المجالات التقنية. من الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز إلى تكنولوجيا البيئة والطاقة المتجددة والسيارات الذكية والطباعة ثلاثية الأبعاد، كان هذا العام حاسمًا في تطوير التكنولوجيا وساهم بشكل كبير في تشكيل مستقبل الابتكار التقني في السنوات اللاحقة.