أولويات معقدة وتحديات كبيرة أمام الرئيس التنفيذي المعاصر
قبل وقت قصير، كانت أولويات مدير الشركة المُساهمة المُدرجة تبدو أكثر بساطة: إدارة وتوسيع الأعمال بفعّالية بما يكفُل عائداً جيداً للمُساهمين.
قد يكون هذا ماضياً وردياً، ولكن هذه الأوقات قد ولت، إذ بات على المُديرين التنفيذيين للشركات المُدرجة في البورصة الآن، إدارة عدد هائل من المهام، ومواجهة سلسلة ممتدة من التحديات.
فقط فَكِر في الجوانب المتعددة التي على المُدير التنفيذي المُعاصر إدارتها.
فبالإضافة إلى التعامُل مع الغموض الجيوسياسي، واللوائح الحكومية المُتزايدة، والتضخم وأسعار الفائدة المُرتفعة، والشعبوية المُتزايدة، والهجمات السيبرانية، والتقدُم في مجال الذكاء الاصطناعي، عليه أيضاً إدارة مخاطر المساس بالسُمعة، والامتثال للقوانين الحكومية الصارمة، واشتراطات الإفصاح والتعهدات المُتعلقة بالاستدامة.
ويضع أسلوب العمل الهجين مجموعة أُخرى من الضغوط. كما يتطلب الحفاظ على تحفيز الموظفين وولائهم وظيفة بدوام كامل في حد ذاتها، بدءاً من مُكافأة وإدارة الكوادر النادرة، إلى مد الجسور لتجاوز الفجوة بين الأجيال، وتقرير وقت المُشاركة بصورة علنية في القضايا السياسية والاجتماعية المُثيرة للجدل. والضغط الدائم لفعل وقول الشيء «الصحيح».
يحتاج المُديرون التنفيذيون إلى التعامل مع كل ذلك، بينما يخضعون لقدر كبير من التدقيق من جانب الموظفين والمُساهمين، ووسائل الإعلام والجمهور، تجاه أجورهم وسلوكياتهم داخل وخارج مكان العمل. ويتوقع أن يكون قادة الشركات صادقين وسريعي الاستجابة، لكن عند وقوعهم في الأخطاء، يأتي الحساب سريعاً.
لذلك، فقد رحل خلال هذا العام عدد من المُديرين التنفيذيين بشكلٍ مُفاجئ، بدءاً من شركة بي بي، شركة الطاقة، إلى بنك نات ويست.
وفي هذه الأثناء، غالباً ما يكون مجلس الإدارة غير مُستعد لتقديم المشورة حول كيفية مواجهة هذا الكم الهائل من التحديات. تتزايد التوترات بين رؤساء مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين، ويزداد تدهور العلاقات بين أعضاء مجالس الإدارة وفرق الإدارة التنفيذية.
لذلك، لا عجب في أن مُعدلات فترة الخدمة بين الرؤساء التنفيذيين قد انخفضت بشكلٍ حاد، من متوسط 6 سنوات بين الشركات المُدرجة بمؤشر ستاندرز آند بورز 500 في عام 2013، إلى 4.8 سنوات في عام 2022.
فمن الذي يرغب في أن يُصبح رئيساً تنفيذياً اليوم؟ في الواقع، هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يسعون جاهدين للوصول إلى قمم الشركات المُدرجة في البورصة.
وقد يكون العديد منهم مُفكرين استراتيجيين طموحين، وقادة بالفطرة، وذوي رؤية ثاقبة لآلاف الأشخاص، وكَون المرء نرجسياً بشدة قد يساعد للوصول إلى هذه القمة.
وبالتأكيد يُعتبر التزايد المُستمر في المُكافآت المالية عامل جذب إضافياً. فخلال الفترة من عام 1978 إلى عام 2022، قفز أجر الرؤساء التنفيذيين في الولايات المُتحدة بناءً على مكافآتهم المُحققة بنسبة 1,209 %، مع التعديل اللازم وفقاً للتضخم.
وخلال الفترة ذاتها، فاق ذلك نمو مؤشر ستاندرز آند بورز 500 البالغ 932 %، والزيادة بنسبة 465 % في عائدات نسبة الـ 0.1 % الأعلى دخلاً. في المقابل، ارتفع الأجر السنوي للعامل الأمريكي بنسبة لا تتجاوز 15.3 %.
بالرغم من ذلك، لا تزال ثقافة الرؤساء التنفيذيين التي سادت في تسعينيات القرن الماضي قائمة. ولكن في ظل البيئة الحالية المُعقدة، يُستحسن لمجالس الإدارة إنشاء هيكل أكثر توزيعاً للقرارات لتوزيع المخاطر والمسؤوليات.
وعلى الشركات السعي لتشكيل فريق تنفيذي قوي، لديه مجموعات من المهارات المُتكاملة. فقد يكون ذلك مُفيداً تحديداً، إذا كان يتعين حدوث تعاقُب للسُلطة غير مُخطط له. كما سيُحبذ المُوظفون هذا أيضاً.
بدورها، يجدر بمجالس الإدارة أن توفر استشارات أكثر فعّالية ورقابة لملف المخاطر الخاص بالشركة، بدءاً من اختبارات الإجهاد وتخطيط السيناريوهات، إلى فهم كيفية تداخل المخاطر.
كما يجب تعزيز فهمهم، ليس فقط لكيفية تأثير الأحداث الاستثنائية على نموذج الأعمال والاستراتيجية، ولكن أيضاً حول التحولات الهيكلية، من التحوّل في الطاقة، إلى التغير بالمعايير الاجتماعية.
وقد تكون الاستعانة بالمشورة الخارجية حلاً، فالمستشارون جاهزون دائماً، لكنهم غالباً ما يتقاضون مبالغ كبيرة. لذلك، على قادة الشركات أن يتحلوا بالحذر، لا أن يستعيروا من يفكر لهم من الخارج.
كل هذا ضروري، ليس فقط لمساعدة الرؤساء التنفيذيين الذين يواجهون مهام تزداد صعوبتها شيئاً فشيئاً، ولكن أيضاً للحماية من الرؤساء المُتسلطين، الذين قد يكون لديهم إيمان مُضلل بأنهم معصومون من الخطأ. أما بالنسبة لأولئك الذين يطمحون إلى هذه المناصب القيادية العُليا، فيجب أن تكون الرسالة: تَولَّ المنصب على مسؤوليتك الشخصية.
