اخر الاخبارالمال والاعمال

اشتعال شرارة حروب الإعانات المالية بين الولايات الأمريكية

ft

خلال العام الفائت، قدمت الولايات الأمريكية مستويات قياسية من التخفيضات الضريبية والتسهيلات لجذب الصفقات، فيما كانت تكافح لاستقطاب المستثمرين الذين استحوذ على انتباههم الدعم المالي الذي يُقدمه الرئيس جو بايدن للطاقة النظيفة والشرائح الإلكترونية.

ووفقاً لتحليل أجرته صحيفة فاينانشال تايمز لحِزم دعم الشركات التي تزيد قيمتها على 100 مليون دولار والتي جمعتها منظمة «جود جوبز فيرست» الرقابية في عام 2022، فقد بلغت قيمة التخفيضات الضريبية التي منحتها حكومات الولايات لاقتناص المشاريع ما يزيد على 24 مليار دولار. وهذا المبلغ أكبر بحوالي 40 % من الرقم القياسي السابق الذي بلغ 17 مليار دولار في عام 2013، وأعلى بكثير من 9 مليارات دولار قدمتها الولايات في عام 2021 قبل أن يتم التوقيع على حِزم الدعم الفيدرالية الكبرى وسنها في صورة قوانين.

ويقول جريج ليروي، المدير التنفيذي لمنظمة جود جوبز فيرست: «الصفقات ضخمة وكثيرة جداً حالياً، مما يخلق نوبة مجنونة للبيع والشراء لدى محافظي الولايات». ويوفر قانون التضخم الرئيسي للرئيس بايدن 369 مليار دولار في شكل دعم مالي للطاقة الخضراء، بهدف تعزيز نشر تقنيات الطاقة النظيفة عبر الولايات المتحدة.

كذلك، يقدم قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم 52 مليار دولار لمصنّعي الشرائح الإلكترونية في الولايات المتحدة، بجانب 24 مليار دولار في شكل اعتمادات ضريبية للتصنيع. وقد شجعت هذه الإعانات الفيدرالية الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة، لكنها أيضاً أشعلت حرباً للحوافز، حيث تتنافس ولايات أمريكية مختلفة للحصول على وظائف جديدة وضخ الأموال في مناطقها. وأشار آرون بريكمان، وهو مسؤول سابق في وزارة التجارة الأمريكية وكبير المستشارين في شركة «آر إم آي» الاستشارية للطاقة، قائلاً: «قانون خفض التضخم هو موجة عالية بإمكانها رفع جميع القوارب. ومادامت الولايات جميعها بإمكانها الحصول على نفس الحوافز الفيدرالية؛ فاللعبة إذن ترتكز إلى ما يجري على مستوى الولاية».

والعام الماضي، منحت ولاية جورجيا شركة «هيونداي» ما لا يقل عن 1.8 مليار دولار لمصنع سياراتها الكهربائية، وكانت هذه أكبر حِزمة تنمية اقتصادية في تاريخ الولاية. كما قدمت لشركة البطاريات النرويجية «فرييرا» حِزمة حوافز مالية بقدر 358 مليون دولار لمصنع بطاريتها الضخم الذي تبلغ قيمته 2.6 مليار دولار.

وخلال العام الماضي أيضاً، منحت ولاية نيويورك شركة «ميكرون» الأمريكية لصناعة الرقائق 6.3 مليارات دولار لمصنعها لأشباه الموصلات، وبهذا تفوقت على ولاية تكساس التي فشلت في مجاراة ذلك الحافز المالي. وأوائل هذا العام، قال جريج أبوت، حاكم ولاية تكساس: «في الأساس، كان المدير التنفيذي لشركة مكرون يستعطفني لأنه كان يرغب بشدة في إطلاق عمله في تكساس. وكان على دراية بأن تكساس هي المكان الأفضل. فنحن نمنح كل ما بمقدورنا دفعه، لكن نيويورك عرضت حرفياً مليارات الدولارات وهو أمر لم يكن بإمكاننا مُضاهاته».

وبجانب الإعانات المالية العامة الأُخرى، تُطلق ولايات مثل: تكساس وأيداهو ونيويورك وبنسلفانيا برامج تستهدف مجالات التكنولوجيا النظيفة وتصنيع أشباه الموصلات. وينص قانون الرقائق على أن المُتقدمين للحصول على التمويل الفيدرالي لا بد أن يحظوا أولاً بدعم من الولايات. وفي وقت مبكر هذا العام، قدم المشرعون بولاية تكساس نسخة خاصة بولايتهم من قانون الرقائق، كما قدمت نيويورك حوافز مالية قدرها 10 مليارات دولار لمشاريع أشباه الموصلات الصديقة للبيئة. لكن بعض المساعدات التي تمنحها الولاية تلقي مُعارضة من السكان المحليين والجهات الرقابية. وفي مطلع العام الجاري، كتبت 30 مجموعة حملات إلى كاثي هوتشل، حاكمة نيويورك، مُنتقدين بشدة ميزانيتها المُخصصة للدعم المالي للشركات، مشيرين إلى أنها لم تكن ضرورية لاستقطاب المشروعات.

وقال لي روي من «جود جوبز فيرست» التي أيدت الخطاب: «الأماكن الجميلة تستقطب الأذكياء.. إن أي شيء تفعله لتحجيم قاعدتك الضريبية، وتقويض قدرتك على الحصول على مدارس متميزة وجودة حياة مُمتازة، بالتبعية سيحدّ بالتبعية من قُدرتك على جذب موظفين جيدين». ومع هذا، يؤكد المسؤولون المحليون أن الحوافز عُنصر ضروري، وكثيراً ما ترتبط بالنتائج، ولا يتم دفعها إلا إذا قامت الشركات بخلق فُرص العمل التي وعدت بها. كما قال بات ويلسون، مفوض التنمية الاقتصادية لولاية جورجيا: «هذه الوظائف ستأتي، وهذه المشروعات ستقام.. لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها ستكون في جورجيا».

من جانبهم، يشير المشككون في موجة المنافسة الأخيرة على المشاريع إلى نوبة الهوس بالمزايدات التي حدثت في عام 2017، عندما تنافست 238 مدينة على إقامة المقر الثاني لشركة أمازون في مشروع كانت قيمته المبدئية 5 مليارات دولار وكان من المتوقع أن يخلق 50000 فرصة عمل. وقد حصلت مدينة أرلينغتون بولاية فرجينيا على المشروع، بعدما قدمت حوافز مالية بلغت 773 مليون دولار. وبدا أن نيويورك قد فازت بجزء من المشروع حين عرضت تقديم حوافز تصل لأكثر من 3 مليارات دولار، إلى أن تراجعت عن قرارها بعد أن واجهت معارضة محلية.

ثم توقف مشروع أرلينغتون بعد التحول إلى العمل عن بُعد وانهيار قطاع التكنولوجيا. وقد توقفت أعمال البناء مؤقتاً في المرحلة الثانية من المشروع. ويعمل في الموقع 8000 موظف ثلاثة أيام فقط في الأسبوع.

ويشير بعض المُعلقين إلى أنه يجب أن يكون هذا المشروع بمثابة تحذير للقادة المدنيين خلال سعيهم المحموم للفوز في السباق الاستثماري الجديد. وقال ناثان جِنسن، أستاذ التنمية الاقتصادية في جامعة تكساس في أوستن: «أشعر بأن العبرة المُستخلصة هي أن الكثير من الولايات ستخوض رحلة للبحث في ذواتها مُتسائلة: أهذا ما جَن جنوننا من أجله؟ ويراهن الجميع بكل شيء من أجل جذب الاستثمار في كل مصنع بطاريات، وكل (منشأة) لتصنيع أشباه الموصلات، لكن هذا يتطلب قدراً مهولاً من الوقت والطاقة. آمل أن يفكروا ملياً ويقولوا مثلاً: «لقد أصبنا بالجنون قليلاً. ربما كان ينبغي أن يكون هناك قدر أكبر من التنظيم».

كلمات دالة:
  • FT

اشتعال شرارة حروب الإعانات المالية بين الولايات الأمريكية

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock