الانتخابات النصفية.. “بعث” ترامب وهواجس الديمقراطية

لا تحظى انتخابات التجديد النصفي بالزخم والحماس الذي يرافق الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أهميتها، حيث ينتخب خلالها ثلث مجلس الشيوخ الأمريكي، ومجلس النواب بأكمله.

معركة حامية الوطيس يخوضها الحزب الديمقراطي دفاعاً عن أغلبيته، لم يدخر فيها جهد الرئيس الحالي جو بايدن، أو الأسبق باراك أوباما، ومع ذلك تبدو حظوظ الحزب الجمهوري، يتقدمه فارسه الأعظم في هذه المرحلة الرئيس السابق دونالد ترامب، كبيرة في استعادة بعض السلطة، حيث يتوقع المحللون فوزاً عريضاً لهم بمجلس النواب، مع حظوظ جيدة لاستعادة مجلس الشيوخ أيضاً.

ومع تحذير الرئيس جو بايدن الأمريكيين، اليوم، من أن الديموقراطية على المحك في انتخابات التجديد النصفي، وأن “هذه فرصتكم للدفاع عنها”.. فما الذي يمكن أن تتمخض الانتخابات النصفية الأمريكية؟

عودة ترامب

يسهم فوز الجمهوريين في بعث دونالد ترامب سياسياً، وقد ألمح الرئيس السابق كثيراً إلى أنه يعتزم الترشح مرة أخرى. ويرى مراقبون أنه يريد التأسيس لتلك العودة عبر انتخابات التجديد النصفية، فإذا كان أداء الجمهوريين جيداً، فسوف ينسب الفضل لنفسه، ويعلن ترشحه للرئاسة في 14 نوفمبر، ويبدأ في عقد تجمعات انتخابية.

المحكمة العليا

تعد مسألة المحكمة العليا من أعقد المسائل التي يتنازعها الحزبان، وفيما طبعت قرارات المحكمة العليا ميول يمينية بشأن الإجهاض والسيطرة على الأسلحة وتغير المناخ، يحاول الديمقراطيون عكس التحول اليميني لها، حيث يعين الرئيس جو بايدن الآن القضاة بسرعة تاريخية، بما في ذلك المحكمة العليا.

يمكن للجمهوريين كبح ذلك في حال فوزهم بمجلس الشيوخ بقيادة الجمهوري ميتش ماكونيل، باستعادة حق النقض (الفيتو) على القضاة ويبطئ تلك التعيينات إلى حد كبير.

أجندة متوقفة
بين الحزبين ما صنع الحداد بالنسبة إلى القوانين والتشريعات، ويعمل كل منهما على تعطيل أجندة الآخر التشريعية، حيث يتم تمرير مشاريع القوانين في واشنطن بصعوبة، إلا في القضايا التي عليها إجماع وطني أو في أوقات الأزمات أو تحت تهديد خارجي.

اتفق الحزبان أخيراً، على مشاريع قوانين مقدمة من كليهما تهدف إلى التصدي للصين، ومساعدة أوكرانيا ضد روسيا. ولكن إذا فاز الجمهوريون بأي من المجلسين، فإن كل شيء سيصبح أكثر صعوبة بالنسبة لبايدن، حتى تمرير مشروع قانون أوكرانيا، الذي يلقى معارضة صريحة من بعض الجمهوريين.

بغض النظر عما سيحدث يوم الثلاثاء، ستظل مشاريع القوانين بحاجة إلى توقيع الرئيس لتمريرها، كما ستظل بحاجة إلى أغلبية الثلثين تقريباً لتمرير معظم أنواع مشاريع القوانين في مجلس الشيوخ.

دراما الديون 
الولايات المتحدة الوحيدة من الدول المتقدمة التي لديها ما يسمى “حد الديون” وهو: “سقف لمقدار الديون التي يمكن سدادها”، وقد رفعه الكونغرس عشرات المرات مع استمرار الدولة في تكديس ديون جديدة من خلال جمع إيرادات ضريبية أقل مما تنفقه.

تحول هذا السقف إلى “دراما” طويلة الأمد في المرة الأخيرة التي سيطر فيها الجمهوريون على الكونغرس وكان الديمقراطيون في البيت الأبيض، حيث يطالب الجمهوريون بتنازلات سياسية مقابل سداد ديون إضافية. 

تتراوح التوقعات حول ما يمكن أن يحدث إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها من سيئة للغاية إلى كارثية (انخفاض بنسبة 4% تقريباً في الناتج المحلي الإجمالي، وفقدان 6 ملايين وظيفة، وانخفاض بنسبة 33% تقريباً في الأسهم).

وهنا يقول الجمهوريون إنهم سيجبرون في مواجهة الديون على اتخاذ إجراءات في المجالات ذات الأولوية، بتشجيع من ترامب، الذي وللمفارقة انتقد سقف الدين عندما كان في البيت الأبيض رئيساً. 

مخالفات
يتصيد الحزبان لبعضهما في المخالفات، وقد أدى وابل من تحقيقات الكونغرس إلى إحراج الحزب الديمقراطي، حيث كشفت أن هيلاري كلينتون استخدمت خادمها الخاص لرسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، في تهمة طاردت حملتها الرئاسية، حتى أيامها الأخيرة. 

ويتوقع أن يحقق الكونغرس في التعاملات التجارية لعائلة بايدن إذا فاز الجمهوريون بالكونغرس. كما أصدروا وثيقة من 1050 صفحة تزعم تسييس مكتب التحقيقات الفيدرالي، ويعتزمون التحقيق مع المكتب، بسبب تحقيقه مع ترامب.

خلاصة

قد لا يتجلى حالياً جواب صريح لسؤال جوهري مفاده كيف ستؤثر الانتخابات النصفية في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟.. 

لكننا نعرف على وجه اليقين أن كلاً من بيل كلينتون وباراك أوباما ورونالد ريغان عانوا من خسائر كبيرة في الانتخابات النصفية، ثم فازوا بولاية ثانية بعدها بعامين.