اخر الاخبارالمال والاعمال

الجهود التنموية تحوّل تركيزها إلى المناطق الحضرية

ft

جلبت جائحة «كوفيد 19» المعاناة والوبال لنطاق واسع وأجزاء عدة من العالم، لكنها في الوقت نفسه ساعدت على خلق فرص اقتصادية جديدة للفقراء من الشباب في التجمعات الحضرية غير الرسمية مترامية الأطراف في كينيا.

وحسبما توضح نياغاكي غيتشيا مديرة المركز الإقليمي لأفريقيا لدى «تيم فور تك»: «واحد من الآثار الجانبية، كان التكنولوجيا التي فتحت المجال أمام الحصول على وظائف في أي مكان حول العالم». و«تيم فور تك»، هي منظمة غير ربحية تموّل عمليات التدريب لمساعدة ذوي الدخل المنخفض على إيجاد وظائف، بما في ذلك العمل عن بُعد.

كذلك يرى مسؤول تنفيذي آخر لمؤسسة خيرية، وهو بيريز ويري مدير «نكست ستبس فاونديشن»، إمكانات قوية في الوظائف الرقمية لانتشال الأشخاص من هوّة الفقر. والمؤسسة تساعد في تدريب الشباب من ذوي الإعاقات في تنزانيا وكينيا. وقال ويري: «التكنولوجيا تغيّر قواعد اللعبة، فتتيح للأشخاص العمل أينما كانوا». وتابع: «المهارات التي نوفرها تساعد الشباب شديدي التهميش في أفريقيا على العمل عن بُعد، لصالح شركات في سان فرانسيسكو».

ومع ذلك، أشارت غيتشيا إلى صعوبة في إعداد الشباب لعالم العمل، حتى بين الطلاب المتمتعين بامتيازات في المدارس الخاصة للنخبة في البلاد.

وأردفت: «يتخرج الكثير من الطلاب بدرجات جيدة حقاً على الورق، لكنهم ليسوا قادرين على الحصول على وظائف، لافتقارهم للمهارات الاجتماعية التي تمكنهم من معرفة كيفية البدء في إيجاد وظيفة، أو سبر أغوار السوق، أو تسويق أنفسهم. إنهم يفتقدون للكثير».

وفي حين تركّز برامج كثيرة تهتم بالشباب في البلدان الأفقر على معالجة الفقر بالمناطق الريفية، وتحسين الرعاية الصحية، هناك تركيز آخذ في الازدياد على أهمية برامج التعليم في المناطق الحضرية. وتهدف هذه البرامج إلى توفير الوظائف اللازمة للرفاهية النفسية والجسدية على المدى الطويل.

وقالت ألين رحباني المديرة الفنية لدى منظمة «وورلد فيجن» الخيرية: «ركزت أعمالنا في مجال التنمية الاقتصادية، إلى حد كبير، على المشروعات الزراعية بالمناطق الريفية، لكننا بدأنا بالاتجاه نحو المدن، لأن الفقر وأوجه الضعف هناك آخذة في الازدياد»، وأضافت: «نبحث في كيفية دعم الشباب ليصبحوا رواد أعمال».

وطوال 12 شهراً مضت، سلّطت سلسلة «مدن مزدهرة» من إنتاج «فايننشال تايمز»، الضوء على بعض من الابتكارات في التخطيط الحضري والصحة، الرامية إلى تمكين الشباب. لكن في العام المقبل، ستتطلع السلسلة إلى استكشاف منافع وتفاعلات برامج الرفاه والتعليم والتوظيف، عبر تسليط الضوء على المشروعات في تنزانيا والهند وكولومبيا، ودول أخرى.

وعلى حد قول السير كاري كوبر أستاذ علم النفس التنظيمي والصحة لدى كلية مانشستر للأعمال: «إذا كانت لديك قوى عاملة بحال صحية جيدة، فستعود بالنمو الاقتصادي على أرباب الأعمال. وإذا منحت الناس عملاً، فإنه يمدهم بالأمن والاستقرار. من شأن الأمر أن يكون مشجعاً للغاية، وسيمنحهم إدراكاً بغايتهم، وثقة بالنفس وصحة نفسية جيدة».

ويركز صنّاع السياسات على صنع فرص عمل للشباب. وفي مؤتمر في أديس أبابا، عقدته اللجنة الاقتصادية لأفريقيا مؤخراً، سلّط أعضاء بلجنة الشباب الضوء على أهمية ريادة الأعمال، لكنهم أعربوا عن إحباطهم بسبب العراقيل، التي تشمل فجوة المهارات، ومحدودية الوصول للتمويل والأسواق، فضلاً عن استبعادهم عند صنع السياسات. وتشهد المناطق الأكثر ثراءً، نقاشات حول نهج ينطوي على دمج المشكلات الاقتصادية، بجانب المسائل الصحية والتخطيط الحضري.

ودعت شبكة المدن الصحية الأوروبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، مؤخراً، إلى تجديد التركيز على «النمو الاقتصادي الشامل والمُستدام، المُستوحى من القيادة الاستباقية للمدينة، وتكريس رفاه القوى العاملة».

تجدّر الإشارة هنا إلى جهود أخيرة لربط التعلم في المدارس بالتوظيف والبيئة الحضرية. وعلى سبيل المثال، يسعى مشروع «فيلنيوس مدرسة» إلى فتح فصول دراسية، ودمج طلاب في مدينتهم الأم، مع تلقينهم دروساً في الشراكة مع المؤسسات والشركات والمنظمات التي تتخذ من العاصمة الليتوانية مقراً لها. ويجد الكثيرون حاجة لتركيز أكبر على التعليم والوظائف لدعم الرفاه.

وأفاد دييجو أنجيل-أوردينولا كبير الاقتصاديين للمهارات وتنمية القوى العاملة لدى البنك الدولي: «الاستثمار في رأس المال البشري بين الشباب وصغار البالغين، يحقق عوائد عالية وإيجابية على مدى الحياة. ونحن بحاجة لبرامج تدريبية على نطاق واسع لذوي المهارات الضعيفة، ولغير المرتبطين ببرامج على مستوى أعلى، تركز على الابتكار وريادة الأعمال.

وأضاف أن أكثر البرامج فعالية هي التي «توفر نهجاً شاملاً يركز على المهارات ذات الصلة بسوق العمل، والمهارات العقلية المعرفية التي يزداد الطلب عليها، بما في ذلك التواصل والتفكير الانتقادي».

لكن هناك تحديات عدة، منها نقص التمويل، وتوفير برامج تدريبية عالية الجودة، وكذا غياب الدعم للمدرسين، علاوة على فقر المهارات «التأسيسية» الأساسية في المدارس وبين جموع العاملين، بما في ذلك معرفة الحساب والقراءة والكتابة. وحتى بالنسبة للمنتمين للتعليم العالي، أشارت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة «إديوكيشن صب ساهارن أفريكا» غير الربحية، إلى «فجوة هائلة في المهارات بين ما تقدمه الجامعات وما تتطلبه سوق العمل».

وفي ضوء ارتفاع معدل فشل الشركات الناشئة، ثمة قيود على ريادة الأعمال، كونها مصدراً للوظائف الجيدة، وينطبق الأمر أيضاً على التكنولوجيا الرقمية. مثال على ذلك، شركة «أنديلا» للبرمجة، التي اضطرت إلى إغلاق مراكزها التدريبية في أفريقيا، وتسريح مئات العاملين بين 2019 و2020. فقد واجهت الشركة صعوبة في الحفاظ على نموذجها المتمثل في دفع أجور للمطورين المبتدئين الذين تعلموا للعمل، مع وعود بحصولهم على وظائف ذات أجور جيدة في ما بعد.

وأوضحت غيتشيا من «تيم فور تك»: «ينشأ معسكر تدريب جديد كل بضعة أشهر، وتدعمه مجموعة مختلفة من الأشخاص، المشكلة الكبيرة تتمثل في الاستدامة». وحذرت من انعدام الأمان، الذي تتسم به الكثير من الوظائف ذات الصلة بالتكنولوجيا في القارة، وأجورها الضعيفة، لافتة إلى أن الكثير من الأدوار، مثل إدارة المحتوى في شركات التواصل الاجتماعي، تنطوي على إجهاد عقلي هائل.

وكما هي الحال في المناطق الأكثر ثراء، أصبحت سوق العمل أمراً لا يمكن التنبؤ به، وعُرضة للتغير، استجابة للأتمتة. وربما يقوّض الذكاء الاصطناعي، عمّا قريب، الحاجة للكثير من المبرمجين، وكذلك مراكز التدريب لتمرينهم. وإذا كانت التكنولوجيا ساعدت على إيجاد فرص، فهي أيضاً خلقت مواطن الضعف.

وكما يقول أنجيل-أوردينولا: «نحتاج للتركيز على المهارات التي لا يمكن أتمتتها، أو تلك التي يمكن إخضاعها للتعديل. وفي كل الأحوال، يتعين علينا أن نتعلم كيف نتعلم».

كلمات دالة:
  • FT

الجهود التنموية تحوّل تركيزها إلى المناطق الحضرية

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock