اخر الاخبارالمال والاعمال

المستثمرون يتخلون عن فرضية بقاء الفوائد مرتفعة لمدة أطول

ft

حطّمت مكاسب أسواق السندات العالمية هذا الأسبوع، افتراض المستثمرين الذي ظل قائماً طيلة أشهر، بأن أسعار الفائدة بالولايات المتحدة وفي بلدان أخرى ستظل عند مستويات أعلى لمدة أطول.

وقد انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 أعوام، والتي تُعتبر مقياساً لتكاليف الاقتراض حول العالم، دون %4 للمرة الأولى منذ أغسطس. أما عوائد سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تعد الأكثر حساسية للسياسات وتراقب عن كثب التطورات التي تطرأ على توقعات الفائدة، فقد تراجعت هي الأخرى لأدنى مستوياتها منذ مايو. وشهدت أسواق سندات حكومية أخرى تحولاً كبيراً في الأيام الأخيرة، فانزلقت عوائد السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 أعوام لأدنى مستوياتها منذ تسعة أشهر، مع تصاعد أسعارها.

وجاءت هذه التحركات الحادة بعد إفصاح الاحتياطي الفيدرالي عن أكثر إشاراته جلاءً حتى اللحظة، بأنه لن يرفع تكاليف الاقتراض من جديد، وألمح إلى ترجيحه ثلاثة قرارات بخفض الفائدة، كل منها بمقدار ربع نقطة مئوية، في 2024. وسلّط جاي باول، رئيس الفيدرالي، الضوء على أن معدل الفائدة القياسي «من المرجح أن يكون عند أو قريب من ذروته في دورة التشديد هذه». وقالت كريستينا هوبر، كبيرة الخبراء الاستراتيجيين العالميين لدى «إنفسكو»: «لقد ماتت سردية بقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول»، وتابعت: «كتب باول المرثية هذا الأسبوع».

ومنذ عهد قريب في نوفمبر، كانت الأسواق تستعد لفترة ممتدة تظل فيها تكاليف الاقتراض مرتفعة، مع مواصلة البنوك المركزية حربها لترويض التضخم. وفي الأسابيع الأخيرة، خفتت وطأة هذه المخاوف، بفعل مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد وضعف بيانات نمو الأسعار، ما عزز أسعار السندات وأسواق الأسهم، لكن كثيرين اعتبروا توقعات «المخطط النقطي» للفيدرالي، التي ترقبها السوق عن كثب، الأربعاء الماضي، الإشارة الرسمية الأبرز على انتهاء سردية «بقاء الفائدة مرتفعة لمدة أطول».

وبحلول الجمعة، عكست الأسواق توقعات المستثمرين بخفض الفيدرالي للفائدة ست مرات في 2024، اعتباراً من مارس المقبل. ومن شأن هذه التقديرات دفع تكاليف الاقتراض في أكبر اقتصادات العالم من نطاقها الحالي المتراوح بين 5.25 % و5.5 %، إلى قرابة 3.9 %. وقال بوب ميشيل، كبير مسؤولي الاستثمار ورئيس مجموعة الدخل الثابت العالمي والعملات والسلع لدى «جيه بي مورغان أسيت مانجمنت»: «تحوّل الفيدرالي نحو اللهجة التيسيرية بمثابة إشارة للسير بالسرعة القصوى لسوق السندات».

ورغم تصريح جون وليامز، رئيس المجلس الفيدرالي في نيويورك، بأن الحديث عن خفض الفائدة في مارس «سابق لأوانه»، فإن تحذيره لم يكن كافياً لكبح جماح المكاسب. وامتدت السردية المتفائلة إلى أوروبا والمملكة المتحدة، حيث يُعد التضخم أكثر تشبثاً بمستويات مرتفعة من الولايات المتحدة، ورغم تصدي كريستين لاغارد، رئيسة المركزي الأوروبي، وأندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، لاحتمالية الخفض الوشيك للفائدة.

وأدت المعنويات المرتفعة للمستثمرين إلى صعود أسواق الأسهم هذا الأسبوع، فاختتم «إس آند بي 500» في وول ستريت تداولاته بتحقيق مكاسب للأسبوع السابع، مقترباً من مستويات مرتفعة قياسية جديدة.

أشار بعض الخبراء الاستراتيجيين إلى أن التضخم الأمريكي لا يزال بعيداً عن مُستهدف الفيدرالي على المدى الطويل البالغ 2 %، ما يعني أن الفائدة من غير المرجح أن تنخفض سريعاً. وسجل مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي العام في نوفمبر 3.1 %، منخفضاً من 3.2 % في أكتوبر، ومتماشياً مع إجماع التقديرات. لكن مايكل كوشما، كبير مسؤولي الاستثمار بالدخل الثابت في الأسواق لدى «مورغان ستانلي»، يرى أن «الفيدرالي حوّل تركيزه من التضخم إلى النمو». وإذا كان الفيدرالي راضياً بالانتظار حتى عودة نمو الأسعار إلى 2 %، «فليس ثمة سبب لأن يكون لديك اقتصاد شديد الضعف في 2024. وقد ارتأى الفيدرالي أنه طالما كان التضخم يسير على نحو جيد، فلنواصل إذن مسيرة النجاح».

وقد انعكس الهبوط الحاد لعوائد السندات الحكومية هذا الأسبوع على هيئة تكاليف تمويل أقل كثيراً لديون الشركات المقترضة. وأفاد مؤشر «آيس» لـ«بنك أوف أمريكا» بتراجع متوسط عائد سندات الخردة للشركات الأمريكية إلى ما يقل عن 8 %، أي يقترب من مستويات شوهدت للمرة الأخيرة في فبراير الماضي، وشكّل الخميس الماضي أكبر انزلاق يومي منذ 13 شهراً.

كما تقلّص الفارق أو العلاوة التي يدفعها المقترضون المخاطرون مقابل السندات الحكومية الأمريكية بنسبة كبيرة بلغت 0.33 نقطة مئوية إلى 3.47 % الخميس الماضي. وزادت المخاوف هذا العام بشأن الصعوبات التي ستلاقيها الشركات الأقل تصنيفاً على جانبي الأطلسي، لتمويل ديونها في بيئة تسودها تكاليف تمويل أعلى كثيراً، ما قد يؤدي إلى زيادة طفيفة في معدلات العجز عن السداد. ولفتت «موديز» إلى نظر الشركات الأمريكية ذات التصنيف المتدني، إلى حائط شاهق من استحقاقات السندات يبلغ 1.87 تريليون دولار في الأعوام الخمسة المقبلة. «ورغم أننا لم نر بعد خفضاً واحداً للفائدة.. كان هناك تيسير بالغ للأوضاع المالية، ما يمنح الشركات متسعاً لتنفس الصعداء»، بحسب كريستينا هوبر من «إنفسكو».

من جانبه، أشار أندريه سكيبا، رئيس الدخل الثابت لدى «آر بي سي جام»، إلى أن احتمالات خفض الفائدة لها تداعيات أكثر وضوحاً على مقدمي القروض ذات الفائدة المتغيرة ومصدري قسائم السندات الثابتة. وقال سكيبا: «خلافاً للسندات الأمريكية مرتفعة العائد، ستكون إيجابية بدرجة طفيفة، لكنها في مجالي القروض المعززة المنطوية على مخاطر والائتمان الخاص، ستحدث فارقاً في تورط شركة ما في مشكلات من عدمه». ومع ذلك، لفت سكيبا إلى أن استمرار تباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة قد يشرع في أن يلقي بظلاله على أرباح الشركات.

كلمات دالة:
  • FT

المستثمرون يتخلون عن فرضية بقاء الفوائد مرتفعة لمدة أطول

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock