اخر الاخبارالمال والاعمال

الهجرة تساعد أوروبا في سد العجز الديموغرافي رغم الضغوط

ft

من المرجح أن يحقق اليمين مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر المقبل، وذلك مع تزايد تأثير نظرية «الاستبدال العظيم»، والتي تشير إلى أن النخب الليبرالية تروج للهجرة من خارج أوروبا لتقويض التجانس العرقي والثقافي.

واختار العديد من الساسة من يمين الوسط تملق هذه الخطابات بدلاً من التصدي لها، حيث أطلقت أورسولا فون دير لاين على المنصب المعني بشؤون الهجرة التابع للمفوضية الأوروبية اسم «مفوض تعزيز أسلوب الحياة الأوروبية».

المعضلة العملية في هذا التحول نحو اليمين، هي أن أوروبا تشيخ بسرعة، ويعني تضاؤل عدد دافعي الضرائب المهاجرين زيادة الضرائب على العمال الباقين لدفع تكاليف المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات العامة لكبار السن. وما يصعب فهمه هو النطاق المحدود الذي قد تخلفه حرية تنقل الأشخاص داخل أوروبا وزيادة معدلات توظيف العمال الأكبر سناً والنساء على زيادة الدخل وتدارك الشيخوخة.

ومع تراجع عدد الأوروبيين الذي يستفيدون من حرية التنقل، بدأ أصحاب العمل في البحث عن عمال من خارج أوروبا لملء الوظائف الشاغرة. ومن المتوقع أن تصبح المفاضلة بين التجانس العرقي والازدهار أكثر وضوحاً خلال العقد المقبل.

ومنذ عام 2019، استفاد نحو 200 ألف مواطن من الاتحاد الأوروبي فقط من حقوق حرية التنقل، بعد استبعاد الأشخاص الذي عادوا إلى بلدهم الأم، فقد انخفض الفارق في الأجور بين الدول الأعضاء الجديدة والقديمة بشكل كبير، ومن المرجح استمرار الانخفاض في المستقبل، حال ثبت صحة التوقعات بنمو سريع نسبياً في وسط وشرق أوروبا، وهذا حد من الحوافز التي تدفع الأوروبيين للتحرك.

وسيكون من المفيد إقناع السكان الأوروبيين الحاليين بالعمل بجهد أكبر ووقت أطول، لكن من غير المرجح أن يكون ذلك كافياً للتعويض عن عملية الشيخوخة. ومن المتوقع نمو عدد مواطني الاتحاد الأوروبي الذين تتجاوز أعمارهم سن الستين بمقدار 25 مليوناً بحلول العام 2040، حتى مع أخذ معدلات الهجرة الحالية في الحسبان. وفي الوقت نفسه، من المتوقع انخفاض عدد الأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً بمقدار 20 مليون نسمة.

لكن لا يمكن للأفراد العمل حتى بعد أن يتقدم بهم العمر؟. أعلنت العديد من الدول الأوروبية رفع سن التقاعد في المستقبل، غير أن ثمة حدوداً لذلك. ورغم ارتفاع متوسط العمر المتوقع، سيعاني معظم الأوروبيين من مشكلات صحية خطيرة في منتصف الستينيات من عمرهم.

وبلغ عدد السكان الأوروبيين في سن العمل الذروة عام 2009. وأدى ما أعقبه من انتعاش في الطلب على العمالة بعد أزمة منطقة اليورو إلى نمو مستمر في الوظائف الشاغرة، ما أدى إلى زيادة عدد العمال من خارج الاتحاد الأوروبي. وتسارعت وتيرة هذه العملية بعد جائحة كورونا، حيث أدت الزيادة في معدلات التقاعد والمشكلات الصحية وتغيير الوظائف والهجرة إلى زيادة كبيرة في فرص العمل التي شغلها عمال من خارج أوروبا.

ويعترف غالبية الساسة من تياري اليمين واليسار بأن الهجرة ضرورة لتخفيف الضغوط الديموغرافية، وقد سعوا إلى التركيز على تنفيذ شروط لجوء أكثر صرامة، آملين أن يوفر فرض إجراءات مشددة على الحدود غطاءً لارتفاع الهجرة النظامية. وحتى رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية، جيورجيا مليوني، قامت بزيادة عدد تصاريح العمل للعمال الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، تعترض الأحزاب اليمينية المتطرفة بشكل متزايد على هذا الإجماع السائد.

وكل هذا يثير معضلة قوية بشكل خاص بالنسبة للسياسيين من يمين الوسط، ويمكنهم مواجهة القوميين من خلال طرح أسئلة صعبة تتعلق بنقص العمالة وتأثير ذلك على جودة أنظمة الصحة، ورعاية كبار السن دون زيادة معدلات الهجرة من خارج أوروبا، أو يمكنهم محاولة تبني خطابات القوميين، ولكنهم يخاطرون بأن يحلوا محلهم، كما حدث في إيطاليا وهولندا وفرنسا. وبالنسبة للذين يحتفون بالزخم الاقتصادي والثقافي الذي يقدمه المهاجرون ينبغي أن يتطلعوا إلى التحلي ببعض الشجاعة.

كلمات دالة:
  • FT

الهجرة تساعد أوروبا في سد العجز الديموغرافي رغم الضغوط

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock