بريطانيا على موعد مع تتويج ملكها الـ 40 غداً

تتأهب المملكة المتحدة غداً السبت 6 مايو، لتتويج الملك تشارلز الثالث، ليصبح الملك الأربعين في تاريخها، وذلك في كنيسة وستمنستر آبي في لندن، ضمن مراسم تتويج ملكية تمزج بين الاحتفالات الرمزية والمراسم الدينية والتقاليد الملكية المعهودة على بريطانيا.

وسيتوج تشارلز بالتاج الملكي، إلى جانب زوجته الملكة كاميلا، في مراسم ستحيي تقاليد وعادات تعود لأكثر من 1000 عام، وستبدأ الاحتفالات الرسمية بموكب من قصر باكينغهام إلى كنيسة وستمنستر، ووفقاً لما أعلنه القصر سيسمح لعامة الشعب بدخول مناطق مشاهدة الموكب في الساعة السادسة صباحاً.

ومن المقرر أن تصطف الحشود على جانبي الطريق المقابل للقصر، كما سيتم توجيه الحضور إلى المواقع الرسمية التي ستوضع بها شاشات عرض كبيرة لنقل الاحتفالات في متنزهات هايد بارك وغرين بارك وسانت جيمس بمجرد امتلاء جانبي الطريق.

وقد نُصبت أمام قصر باكينغهام مقاعد مخصصة للضيوف المدعوين، بمن فيهم قدامى المحاربين وعاملون بخدمات الرعاية الصحية الوطنية ورعاية المسنين وذوي الإعاقات.

وفي صباح يوم غد السبت، سوف يتجمع نحو 200 من أفراد القوات المسلحة، أغلبهم من وحدة سلاح الفرسان الملكية التي ستشارك في الموكب من كنيسة وستمنستر، كما سيصطف 1000 آخرون من أفراد القوات المسلحة على جانبي الطريق، لكن الموكب بأكمله سوف يكون أصغر بكثير من نظيره عام 1953 الذي شارك فيه أفراد من أسر ملكية لبلدان أخرى ورؤساء وزراء دول الكومنولث.

ومن المقرر أن يبدأ الموكب من قصر باكينغهام ويسير عبر “ذا مال” باتجاه ميدان الطرف الأغر، ثم طريق وايتهول وشارع البرلمان، إلى أن يصل إلى الباب الغربي لكنيسة وستمنستر، وفي خروج على التقاليد، سوف يجلس الملك تشارلز في عربة اليوبيل الماسي الملكية وليس في العربة الذهبية الملكية الأقدم.

ويُتوقع أن يصل الموكب إلى الكنيسة قبل الساعة 11 صباحا بقليل، ويرجح أن يرتدي الملك زيه العسكري بدلاً من السراويل القصيرة والجوارب الحريرية التقليدية التي ارتداها الملوك في السابق، ومن المقرر أن يدخل الملك تشارلز من الباب الغربي للكنيسة، ثم يسير عبر صحنها إلى أن يصل إلى قاعتها الوسطى.

المراسم كالتالي:
الاعتراف: أثناء وقوف تشارلز بجانب كرسي التتويج البالغ من العمر 700 عام، حيث يتم تقديم الملك لأولئك الذين تجمعوا في الدير من قبل رئيس أساقفة كانتربري حيث سيهتف الحضور “حفظ الله الملك” وتنطلق الأبواق.

القسم: يقسم الملك على احترام القانون وكنيسة إنجلترا.

المسحة: يتم إزالة رداء الملك ويجلس على كرسي التتويج الذي تحيط به قطعة قماش ذهبية لإخفاء الملك عن الأنظار أثناء قيام رئيس أساقفة كانتربري بمسح يدي الملك وصدره ورأسه بـ “الزيت المقدس” المصنوع وفقا لوصفة سرية.

التنصيب: يُمنح الملك أدوات الدولة بما في ذلك الجرم السماوي الملكي الذي يمثل السلطة الدينية والأخلاقية، والصولجان الذي يمثل القوة، وصولجان الملك وهو قضيب من الذهب تعلوه حمامة مطلية بالمينا البيضاء والتي ترمز للعدل والرحمة، وأخيراً، يضع رئيس الأساقفة تاج القديس إدوارد على رأس الملك.

الجلوس والتبجيل: يترك الملك كرسي التتويج وينتقل إلى كرسي العرش حيث ينحني أعضاء مجلس اللوردات أمام الملك تبجيلاً له

أما عن ملابس الملك خلال حفل التنصيب، فإن العديد من الأشياء التي ستستخدم في الحفل، مثل التيجان والصولجانات، يعود تاريخها إلى قرون مضت، حيث سيرتدي تشارلز بعض الملابس التي ظهرت في مراسم التتويج منذ عام 1821

ثوب جده جورج السادس

 وتتضمن تلك الملابس ثوب جده جورج السادس المصنوع من الكتان الأبيض وحزام السيف الخاص به، إضافة إلى معطف طويل الأكمام من الحرير الذهبي، تم حياكته عند تتويج الملك جورج الخامس، الجد الأكبر للملك تشارلز، وارتداه الملوك اللاحقون ومن بينهم الملكة إليزابيث. 

كما سيرتدي الملك تشارلز الوشاح الإمبراطوري المصنوع من القماش الذهبي والذي صُنع في الأصل بهدف استخدامه في مراسم تتويج الملك جورج الرابع في العام 1821 

الجرم السماوي الذهبي

خلال مراسم الحفل، سيتم تتويج الملك تشارلز إلى جانب الملكة القرينة كاميلا، ويعد حفل التتويج بمثابة احتفال ديني رمزي يتم من خلاله تتويج الملك فضلاً عن الفعل المادي بوضع التاج على رأسه، ويُضفي حفل التتويج الطابع الرسمي على دور الملك كرئيس لكنيسة إنجلترا، ويؤشر على تغير ألقابه وسلطاته، والبعض يرى أن حفل التتويج لا يعيق تولي الملك مهامه، حيث حكم إدوارد الثامن دون حفل تتويج، وأصبح تشارلز ملكا تلقائياً لحظة وفاة الملكة إليزابيث الثانية.

الحاضرون لحفل التتويج
سيشمل الحاضرون إضافة إلى العائلة المالكة، رئيس الوزراء وممثلين عن مجلسي البرلمان ورؤساء الدول وأفراد العائلات المالكة الأخرى من بعض الدول الأخرى، و أكد دوق ساسكس أنه سيسافر من الولايات المتحدة لحضور حفل التتويج، لكن زوجته دوقة ساسكس لن تحضر.

وخلال التتويج يُشاهد للمرة الأولى الأمير هاري مع العائلة المالكة منذ نشر مذكراته المفاجئة “البديل” في يناير الماضي، حيث كشف كتابه عن عمق خلافاته مع أفراد العائلة المالكة الآخرين، وسيُنظر إلى قرار ميغان برفض الدعوة كجزء من هذه التوترات العائلية المستمرة التي لم يتم حلها بعد.

كما أن موعد حفل التتويج يصادف عيد الميلاد الرابع لابن الزوجين، الأمير آرشي، الذي سيبقى في الولايات المتحدة مع والدته، ووفقاً لما أعلنته وكالات الأنباء العالمية سيحضر هاري حفل التتويج في وستمنستر أبي، لكن ميغان ستبقى في الولايات المتحدة مع طفليها
وستكون دوقة يورك أيضا غائبة بشكل ملحوظ، حيث أكدت مصادر مطلع أنها لم تتم دعوتها لحضور الحفل.

بايدن يغيب 

أكد البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن الرئيس جو بايدن أبلغ الملك عبر الهاتف أنه لن يحضر الحدث، لكن السيدة الأولى جيل بايدن ستمثل الولايات المتحدة بدلاً منه.

وكان أكثر من 8 آلاف ضيف قد حضروا حفل تتويج الملكة إليزابيث الثانية، ولكن كان لابد من إغلاق كنيسة وستمنستر لمدة 5 أشهر للسماح ببناء مقاعد إضافية، حيث تبلغ السعة العادية للكنيسة حوالي 2200 شخص، ومن المحتمل أن يكون هذا هو العدد الأقصى في هذه المناسبة.

مراسم عمرها 1000 عام

ظلت مراسم حفل التتويج على حالها منذ أكثر من ألف عام، حيث يُعد الحفل البريطاني هو الحدث الوحيد المتبقي من نوعه في أوروبا، ومع ذلك، قال قصر باكنغهام “إنه على الرغم من أن التتويج سيكون وفق التقاليد القديمة، إلا أنه سيعكس أيضا دور الملك اليوم والتطلع إلى المستقبل.”
ومن المحتمل أن يكون أقصر مدة وأصغر حجماً من مراسم حفل تتويج الملكة إليزابيث الثانية عام 1953، مع تمثيل مجموعة واسعة من الأديان، ومن المتوقع أيضا أن يكون موكب التتويج أكثر تواضعاً، مقارنة بموكب الملكة إليزابيث الذي شارك به 16 ألف مشارك، واستغرق الأمر 45 دقيقة لعبور أي نقطة ثابتة على الطريق البالغ طوله 7 كيلومترات.

وهذه المرة، سوف يتوجه الملك وكاميلا، الملكة القرينة، إلى وستمنستر أبي في موكب الملك، ويعودان إلى قصر باكنغهام في موكب أكبر، حيث سينضم إليهما أعضاء آخرون من العائلة المالكة، في الوقت نفسه لم يذكر القصر بعد من سيظهر لاحقاً في شرفة قصر باكنغهام.

تدرج حكم بيت ويندسور

يعود حكم بيت ويندسور في المملكة المتحدة إلى إدوارد الثامن الذي تولى الحكم خلال الفترة من 20 يناير إلى 11 ديسمبر 1936، ثم أخوه جورج السادس ما بين 11 ديسمبر 1936 إلى 6 فبراير 1952، فيما تأتي إليزابيث الثانية ما بين 6 فبراير 1952 إلى 8 سبتمبر 2022، حتى يصل الحكم إلى ابنها الملك تشارلز الثالث 8 سبتمبر 2022 

جدل حول ماس التيجان

سيتوج الملك بتاج القديس إدوارد وهو من الذهب الخالص ويعود إلى القرن السابع عشر، وهو ثقيل بشكل استثنائي، ويستخدم فقط في لحظة التتويج، وقد أعاد موت الملكة إشعال الجدل حول كيفية حصول الإمبراطورية البريطانية على بعض الأحجار الملكية الكريمة، حيث يدور الكثير من الجدل حول الماس الموجود في تاجين آخرين، أحدهما هو تاج الدولة الإمبراطوري، الذي سيضعه الملك قرب نهاية حفل التتويج، والذي سيرتديه أيضا عندما يظهر على شرفة قصر باكنغهام.

ويحتوي هذا التاج على ألماسة كولينان 2، والتي تسمى أحيانا النجمة الثانية لأفريقيا والتي تم منحها لإدوارد السابع في عيد ميلاده السادس والستين من قبل حكومة ترانسفال، مستعمرة التاج البريطاني السابقة، فيما يعرف الآن بجنوب إفريقيا.

والحجر الكريم الآخر المثير للجدل هي ألماسة كوهينور، وكانت جزءا من تاج تتويج الملكة الأم، وتُعد أحد أكبر قطع الماس في العالم، ولقد قدمت الهند وباكستان وأفغانستان وإيران مطالبات بها.

12 مقطوعة موسيقية حديثة 

اختار الملك شخصياً موسيقى الحفل الذي سيضم 12 مقطوعة تم تأليفها بطلب من القصر حديثاً، بما في ذلك نشيد من الملحن أندرو لويد ويبر، وهو ملحن المسرحية الموسيقية “القطط”، وسيتم غناء جزء من مراسم حفل التتويج باللغة الويلزية، وسيشمل العازفون المنفردون مغني الأوبرا الويلزي المشهور عالمياً السير برين تيرفل.

وستكون هناك موسيقى أرثوذكسية يونانية تخليداً لذكرى والد الملك الأمير فيليب الذي وُلد في اليونان، كما ستؤدي جوقة كنسية، وكذلك الكورال من مدرسة وستمنستر فقرات، وبشكل منفصل، تم إطلاق حملة لتجنيد الآلاف من قارعي الأجراس للاحتفال بالتتويج في إطار برنامج دقوا الأجراس من أجل الملك.

ومن المقرر أن يشارك المغني الأميركي ليونيل ريتشي والمغنية الأميركية كاتي بيري وفريق “تيك ذات” البريطاني مع آخرين في حفل غنائي احتفالاً بتتويج الملك تشارلز المقرر في الشهر المقبل، الذي وصفه منظموه بأنه فرصة للاحتفال بفصل جديد من تاريخ بريطانيا.
وتضم القائمة أيضاً مغني الأوبرا الإيطالي أندريا بوتشيلي ومؤلفة الأغاني البريطانية فريا ريدنغز ومغني الأوبرا الويلزي برين تيرفل والملحن وعازف البيانو البريطاني أليكسيس فرينش.