اخر الاخبارالمال والاعمال

توقعات ببقاء أسعار الفائدة العالمية عند مستوياتها المرتفعة

شهد شهر سبتمبر الجاري تغيّراً في لهجة رسائل البنوك المركزية الأوروبية، التي قام معظمها بتثبيت أسعار الفائدة بعدما يقرب من عامين من الزيادات المتواصلة لأسعار الفائدة.

لكن على الرغم من المؤشرات بأن أسعار الفائدة ربما وصلت إلى ذروتها بالفعل، فإن استمرار مراوحة التضخم عند معدلات مرتفعة (والتي عززت معاناة المستهلكين والشركات في مختلف أنحاء العالم، وبشكل خاص في أوروبا والولايات المتحدة)، دفع البنوك المركزية إلى اعتماد نهج حذر في مقاربة مدى نجاحها في الانتصار على التضخم، وبالتالي تجنبت الالتزام بعدم إحداث زيادات جديدة في أسعار الفائدة.

ويقول كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي» الهولندي إن قرارات أسعار الفائدة التي اتخذتها البنوك المركزية العالمية الرئيسية هذا الشهر، أظهرت أن جميع هذه البنوك تتعامل مع نفس المعضلة الثلاثية المتمثلة في كيفية تحقيق التوازن بين تباطؤ الاقتصاديات، والتضخم الذي لا يزال مرتفعاً للغاية، والتداعيات المتأخرة للزيادات غير المسبوقة في أسعار الفائدة»، وأضاف برزيسكي في حديث لشبكة سي إن بي سي، أن «الموضوع المشترك الآخر هو بطبيعة الحال، أن أسعار الفائدة في جميع المناطق اقتربت بالفعل من الذروة، وهو ما يعقد هذه المعضلة».

وأضاف إن «الارتفاع الأخير في أسعار النفط يشكل صداعاً إضافياً، لأنه يؤدي إلى زيادة التضخم ويؤثر على النمو الاقتصادي، ويجعل اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة في المستقبل أكثر صعوبة».

معضلة البنوك المركزية

وجسد الانقسام الذي شهدته لجنة السياسات النقدية في بنك إنجلترا في جلسة التقييم الأخيرة التي عقدتها اللجنة، والتي قررت خلالها تثبيت أسعار الفائدة، المعضلة التي تواجهها البنوك المركزية بشكل عام في هذا المجال. فقد قرر بنك إنجلترا إيقاف تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية عند 5.25 % بعد 14 زيادة فصلية متتالية، إذ صوت خمسة من أعضاء لجنة السياسة النقدية لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير، وأربعة لصالح رفع الفائدة بمقدار ربع مئوية، وربما نجم هذا التشتت في اتخاذ القرار بسبب قراءة التضخم الأقل من المتوقع لشهر أغسطس، والتي أظهرت بلوغ معدل التضخم على أساس سنوي 6.7 %، وهي أعلى بكثير من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 %، ولكنها أقل بشكل هامشي من التوقعات البالغة 7 %.

توقيت تخفيضات الفوائد

ونقلت «شبكة سي إن بي سي» عن بول ديلز، كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكونوميكس» بالمملكة المتحدة أن بنك إنجلترا، مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير أيضاً في سبتمبر، يريد من الأسواق أن تؤمن بأن الفوائد قد تبقى مرتفعة على المدى الطويل.

وتتوقع شركة «كابيتال إيكونوميكس» أن يتم تنفيذ تخفيضات أسعار الفائدة في أواخر عام 2024 بمعدلات أسرع مما كان متوقعاً على نطاق واسع، في حين لا يتوقع الاقتصاديون في بنك «إتش إس بي سي» أي تخفيضات على مدى الـ 15 شهراً المقبلة.

رغم ذلك يعتقد سايمون فرينش، كبير الاقتصاديين في «بانمور جوردون»، أنه من السابق لأوانه توقع توقيت أول خفض لسعر الفائدة، نظراً لعدم وجود «معايير للتخفيف».

وقام البنك الوطني السويسري في مراجعته الأخيرة بالتوقف عن زيادة أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ مارس 2022، وقال في بيان إن «التشديد الكبير للسياسة النقدية خلال الفصول الأخيرة ساهم في مقاومة الضغوط التضخمية المتبقية»، حيث بلغ معدل التضخم في سويسرا 1.6 % في أغسطس، وهو معدل يقع ضمن النطاق الوطني المستهدف الذي يتراوح بين 0 و2 %.

وقال محافظ البنك المركزي السويسري توماس جوردان لشبكة «سي إن بي سي»، إن «الحرب ضد التضخم لم تنته بعد»، مضيفاً أن البنك المركزي السويسري سيواصل مراقبة الضغوط التضخمية، وشدد جوردان على أن هذا قد ينطوي على مزيد من التشديد في السياسة النقدية في ديسمبر.

ووصف المحللون سياسة البنك المركزي السويسري بأنها «مازالت تميل إلى التشدد» بالنظر إلى هذا الحذر المستمر بشأن التضخم، وعدم وجود إشارة إلى تخفيضات في الأفق خاصة في ظل الركود الاقتصادي في سويسرا في الربع الثاني، حيث يتوقع أن يسجل اقتصاد البلاد نمواً 1 % لهذا العام.

الفائدة الأوروبية

وعلى العكس من ذلك، اتخذ البنك المركزي الأوروبي نهجاً متشدداً متشائماً في 14 سبتمبر، عندما رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، رغم أنه أشار إلى أن أسعار الفائدة ربما وصلت إلى ذروتها.

وقال البنك المركزي الأوروبي في بيان: «يرى مجلس الإدارة أن أسعار الفائدة الرئيسية للبنك المركزي الأوروبي قد وصلت إلى مستويات من شأنها، إذا تم الحفاظ عليها لفترة طويلة بما فيه الكفاية، أن تسهم بشكل كبير في عودة التضخم في الوقت المناسب إلى المستويات المستهدفة».

تشير اتجاهات السوق إلى توقعات اقتصادية أكثر سلبية، ولهذا يتوقع بعض المحللين أن يضطر البنك المركزي الأوروبي بالتالي إلى البدء في تخفيض أسعار الفائدة بحلول منتصف العام المقبل.

وانخفض اليورو بـ1.7 % مقابل الدولار الأمريكي حتى الآن هذا الشهر، وهو أسوأ أداء له منذ فبراير الماضي، وجاء هذا الانخفاض على الرغم من أن ارتفاع أسعار الفائدة أدى بشكل عام إلى دعم قيمة العملة. وفي شمال أوروبا، اختارت النرويج والسويد رفع أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي، وألمحتا إلى أن المزيد من التشديد في السياسات المالية مستقبلاً.

وقال البنك المركزي السويدي بشكل منفصل إن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية وإن السياسة النقدية بحاجة إلى مزيد من التشديد، حيث رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 4 %.

صعوبة القرار

ومع ذلك، يقول كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي للاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، إلى أن العوامل المزدوجة المتمثلة في الضغوط التضخمية وضعف النمو يمكن أن تولد نتائج مختلفة، نظراً لصعوبة اتخاذ البنوك المركزية للقرارات الخاصة بالسياسات النقدية في المستقبل.

ويضيف: «قلق البنوك المركزية بشأن مصداقيتها ومخاوفها من توقعات التضخم (مثل البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي السويدي)، قد ينتهي بها الأمر إلى مواصلة رفع أسعار الفائدة»، ما يرجح بقاء أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة الحالية لفترة أطول من المتوقع.

 

توقعات ببقاء أسعار الفائدة العالمية عند مستوياتها المرتفعة

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock