اخر الاخبارالمال والاعمال

شرعية صندوق النقد الدولي تواجه الاختبار الأصعب

ft

يحتاج الصندوق إلى الإصلاح وهذا يعتمد على مدى رغبة أعضائه في التعاون.

يواجه صندوق النقد الدولي، كما يثار، الاختبار الأصعب لشرعيته منذ تأسيسه قبل ما يقرب من ثمانين عاماً. وقد صمد الصندوق في وجه العديد من العواصف، بدءاً من سياسات الحرب الباردة، وحتى انهيار العملات، غير أنه اليوم بحاجة إلى مواجهة حشد من التحديات، من بينها تفتت التعاون، وتزايد الضغوط التي تفرضها الديون والتزامات تغير المناخ على الاقتصاد الدولي.

وتمثل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي، والتي بدأت الاثنين في مراكش، فرصة لتحفيز إصلاح ذلك الوصي الضعيف على الاقتصاد العالمي. ومن دون تضافر الجهود بين أعضائه بغية التغيير، فقد يشهد صندوق النقد الدولي تراجعاً في نفوذه كملاذ عالمي للاقتراض عند الطوارئ.

وهذا من شأنه أن يضر بالنظام الاقتصادي العالمي المترابط الذي يحتاج إلى مُحكِّم قوي لضمان استقراره. وتعود التحديات التي تواجه شرعية صندوق النقد الدولي جزئياً إلى إخفاقاته الأخيرة. فأولاً، ورغم تمتعه بملاءة مالية للإقراض تبلغ تريليون دولار، فقد أظهر الصندوق مؤخراً صعوبة في إتاحة هذه الموارد بشكل فعّال على نطاق واسع، وذلك وفقاً لما رصدته مؤسسة «أو دي آي» للأبحاث.

ثانياً، في حين تشير تقديرات الصندوق إلى أن نحو 60 % من البلدان منخفضة الدخل معرضة لخطر كبير، أو تعاني من ضائقة الديون، فإن عملية إعادة هيكلة الديون – التي يلعب فيها الصندوق دوراً حاسماً – كانت بطيئة إلى حد كبير.

ورغم أن صندوق النقد الدولي تعرض للعرقلة من قِبَل الدائنين المتعنتين، فإن إجراءاته تعرضت لانتقادات بسبب افتقارها إلى السرعة والشفافية، كما يأتي التهديد الأكبر لأهمية دوره من التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي. كذلك، لم يكن الصعود الاقتصادي للصين والهند مصحوباً بزيادة متناسبة في حصصهما في الصندوق النقد، والتي تحدد المساهمات وحقوق التصويت، فيما يحظى الصوت الأوروبي بالتحديد بتمثيل مبالغ فيها.

ويتنافس الصندوق حالياً مع كل من الصين ودول الخليج على تقديم قروض الأزمات والتي توفرها تلك الدول إلى البلدان النامية، بل منعت الصين العديد من محاولات صندوق النقد لإعادة هيكلة الديون السيادية. وتتطلب عملية رسم المسار إلى الأمام دعم الأعضاء، وهو ما يواجه صعوبة وسط تصاعد النزعة القومية الاقتصادية.

وتقود الولايات المتحدة حملة من أجل إقرار زيادة متساوية في الحصص المساهمة في صندوق النقد، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة مساهمات البلدان الأعضاء المئة والتسعين، بينما يحافظ على التوزيع الحالي للقوى التصويتية، وستكون هذه بمثابة بداية طيبة نحو تعزيز قدرة الصندوق على الإقراض. وللحصول على مزيد من القوى الصاعدة، سيحتاج الصندوق إلى زيادة المبالغ المطلوبة منها مقابل رفع حصصها في التصويت، وتخفيض حصص الأعضاء الآخرين.

وأي جهود لزيادة نفوذ بكين، على وجه الخصوص، في صندوق النقد يجب أن ترتبط بدعم عملية إعادة هيكلة الديون. ولا يمكن للصين أن تتوقع دوراً أكبر من دون الالتزام بمبادئ الصندوق. وثمة أدوات أخرى للضغط يمكن أن يدفع بها الصندوق. أولاً، يجب أن يكون أكثر صرامة مع الدائنين الذين لا يرغبون في المشاركة في إعادة الهيكلة.

وقد يعني هذا تفعيل آلية قائمة تسمح بامتناع المقترضين عن سداد الديون للدائنين صعبي المراس، كما يتعين على الصندوق أن يكون أكثر شفافية فيما يتعلق بتحليله لاستدامة الديون لتسريع عملية إعادة الهيكلة.

وفي حين يحتاج صندوق النقد الدولي إلى تعزيز وظيفته الأساسية كجهة إقراض في حالات الطوارئ، فإنه قادرٌ أيضاً على لعب دور أكبر. وفي ضوء تأثير تغير المناخ وصعوبة اشتراطات التبادل التجاري على الاستقرار المالي للدول الفقيرة، يبرز دور التمويل الوقائي المرن الذي يقدمه الصندوق كآلية مهمة.

والواقع أن توجيه الموارد مثل حقوق السحب الخاصة، وهي الأصول الاحتياطية الدولية لدى صندوق النقد، إلى بنوك التنمية المتعددة الأطراف الأكثر مرونة يعد أمراً منطقياً. وقد يبدو فوضوياً لعب الصندوق دور الملاذ الأخير للإقراض في العالم، مع قيادة عملية إعادة هيكلة الديون السيادية، لكنه أمر ضروري.

وفي حين يركز المنتقدون عادةً على أخطاء الصندوق، يتناسى هؤلاء نجاحاته، بما في ذلك تعليق مدفوعات خدمة الديون للدول الفقيرة وجمع 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة خلال جائحة «كوفيد 19». ومع ذلك، فالصندوق بحاجة إلى الإصلاح حتى يظل قوة متصلة بالاقتصاد العالمي. ولتحقيق هذه الغاية فإنه يظل معتمداً على التقدير السليم للأمور واستعداد أعضائه للتعاون.

كلمات دالة:
  • FT

شرعية صندوق النقد الدولي تواجه الاختبار الأصعب

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock