اخر الاخبارفن وترفيهمعلومات عامة

خلافات ألمانيا – فرنسا.. هل تتسبب بتصدع الاتحاد الأوروبي؟

image

ت + ت – الحجم الطبيعي

المستشار الألماني أولاف شولتس في زيارته لفرنسا يحاول والرئيس إيمانويل ماكرون تسوية الخلافات القائمة بين الجانبين، والتي خرجت للعلن، ما دفع مراقبين أوروبيين للخشية على مصير الاتحاد الأوروبي، إذ إن ألمانيا وفرنسا هما أقوى دولتين في التكتل، الذي يخوض صراعاً اقتصادياً شرساً مع روسيا بالتوازي مع الحرب في أوكرانيا.

وفي أعقاب القمة الألمانية الفرنسية، قالت مصادر في الوفد المرافق لشولتس، اليوم الأربعاء، إن اللقاء «كان مكثفاً للغاية ومفعماً للغاية بروح الشراكة»، كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

ليس معلوماً بعد إن كان هذا الخلاف في طريقه إلى التبديد، لا سيما أن كلام «المصادر المرافقة»، إنشائياً ولا يخلو من نكهة الدبلوماسية، خاصة إذا علمنا أنه كان من المقرر بالأساس- بدلاً من غداء العمل الذي تم اليوم- أن يجتمع مجلس الوزراء الفرنسي الألماني في فونتينبلو بالقرب من باريس، ولكن تم تأجيله، والسبب هو «الحاجة إلى التنسيق بشأن قضايا ثنائية»، وفق متحدث باسم الحكومة الألمانية، وكذلك قصر الإليزيه.

صحيح أن اجتماع حكومتي البلدين غالباً ما يكون غير مثمر، وغير ذي أهمية خاصة، لكنه مهم بالنسبة لعمل وفاعلية الاتحاد الأوروبي في هذا الظرف بالذات، ولا شك في أن تأجيل الاجتماع إلى بداية العام المقبل يؤكد وجود خلافات عميقة بين البلدين الشريكين. 

في الأسبوع الماضي، قال بيان لقصر الإليزيه: إن تأجيل موعد الاجتماع «لا يعكس بحال من الأحوال وضع العلاقات الفرنسية الألمانية»، وإن الاجتماع تأجل ولم يلغ، لكن هذه التصريحات لم تبدد شكوك الصحافيين، الذين كانوا حاضرين، إذ علق على ذلك شتفان زايدندورف، نائب مدير المعهد الألماني الفرنسي في مدينة لودفيغسبورغ الألمانية، بأنه «منذ بدء عقد هذا الاجتماع عام 1963، لم يلغ أي اجتماع».

 

انزعاج متبادل

يبدو أن البلدين يفضلان السير في طريق منفرد، فقبل مدة قصيرة أقرت برلين حزمة مساعدات قيمتها 200 مليار يورو، لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء، دون إحاطة الشريك الفرنسي بذلك مسبقاً، وهو ما أثار حفيظته، حيث إن هكذا حزمة مساعدات يمكن أن تشوه وتؤثر على المنافسة في السوق.

وعلاوة على ذلك وقعت ألمانيا على هامش مؤتمر حلف الناتو الأخير مع 14 دولة أوروبية أخرى، من دون فرنسا، على مشروع مشترك للدفاع الجوي أطلق عليه اسم «مبادرة درع السماء»، وذلك رغم أن فرنسا تعمل مع إيطاليا على تطوير مشروع مظلة مضادة للصواريخ باسم «مامبا». 

وفي القمة الأوروبية الأخيرة أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده بالتعاون مع البرتغال وإسبانيا تريد بناء خط جديد لنقل الهيدروجين وفي حالات الطوارئ الغاز أيضاً بين برشلونة ومارسيليا، وهذا المشروع سيكون بديلاً لخطط بناء أنبوب لنقل الغاز بين إسبانيا وفرنسا عبر جبال البرينيه، والذي كانت تفضله ألمانيا، وقال ماكرون خلال القمة «ليس جيداً لألمانيا ولا لأوروبا أن تعزل ألمانيا نفسها».

الطرفان منزعجان من بعضهما، حسبما ينقل موقع قناة «دي دبل يو» الألمانية عن زايدندورف، الذي أضاف «تعتقد ألمانيا أنه يمكنها تجاوز فرنسا وتحقيق إجماع متعدد الأطراف مع الدول الصغيرة. وماكرون منذ خطابه في السوربون عام 2017 ينتظر من ألمانيا المزيد من الاندماج الأوروبي»، ففي ذلك الخطاب دعا ماكرون ضمن أشياء أخرى إلى ميزانية لدول منطقة اليورو، وتعزيز العمل المشترك في القضايا العسكرية والضرائب.

 

معارضة أساسية

بالنسبة للباحثة السياسية في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين رونيا كيمبين، فإن الاختلاف الحالي في الرأي بين باريس وبرلين يعبر عن معارضة أساسية وقوية، وتقول «يريد ماكرون منذ فترة طويلة أن يعمل الاتحاد الأوروبي، ضمن مجموعات صغيرة معنية بقضايا محددة، وهو ينظر بريبة لتوسيع الاتحاد الأوروبي شرقاً قبل إصلاح الآلية، التي يعمل بها الاتحاد، والاتحاد الأوروبي بالنسبة لفرنسا هو وسيلة لزيادة القوة».

هناك خلاف عميق بين فرنسا وألمانيا في قضايا الدفاع أيضا، فصحيح أن ألمانيا غيرت سياستها التقليدية وزادت نفقاتها العسكرية، لكنها تعول على الشراء المباشر بدل المشاريع الأوروبية المشتركة، وهو أيضاً ما يتعارض مع الموقف الفرنسي حسب كيمبين.

في معرض حديثها عن التوتر بين الاقتصاديين الأكبرين في التكتل الأوروبي، عنونت صحيفة لوموند الفرنسية التالي: «المحرك يئن»، هكذا نقل موقع «يورونيوز» عن صحيفة لوموند الفرنسية. ويضيف الموقع: إن آلاف الشركات الأوروبية تخشى على بقائها، بسبب المنافسة من جانب الولايات المتحدة وآسيا، حيث ظلت الأسعار أفضل، ناهيك عن الوضع الاجتماعي، حيث ضمت تظاهرات في البلدين آلاف الأشخاص احتجاجاً على غلاء المعيشة.

 

المسائل الشائكة

يقول مسؤولون ألمان وفرنسيون: إن المفاوضات، التي لم تنقطع بين الجانبين صعبة جداً، خصوصاً في ما يتعلق بالطاقة وبطريقة إدارة الأزمة، خصوصاً من الجانب الألماني، ولكن ليس هذا فقط، فهناك أيضاً خلافات أخرى، بينها دفاعي. 

ترفض ألمانيا التي تعتمد على الغاز في صناعاتها بشدة المقترح الفرنسي لوضع سقف لأسعار الغاز والكهرباء على الصعيد الأوروبي. الموقف الألماني تدعمه دول شمالية عدة من بينها الدنمارك وهولندا. هذا التكتل يتحفظ على تدخل السلطات بالأسواق. 

تقول مصادر أيضاً: إن برلين غير راضية عن باريس، بسبب عدم تقديمها الدعم الكافي لها في محاولتها إحياء ما يسمى بمشروع «غاز ميدكات» لخطوط الأنابيب، التي تربط البرتغال وإسبانيا وتمر عبر فرنسا إلى ألمانيا. ألمانيا قررت ضخ نحو 200 مليار يورو في اقتصادها، لتخفيف تأثير ارتفاع أسعار الطاقة. هذا القرار أثار غضب باريس التي اعتبرت أن برلين كان ينبغي أن تستشير حلفاءها بشأن خطوة قد تؤدي إلى فوضى في السوق الداخلية، وهناك من يقول في فرنسا إن ألمانيا تغرد وحيدة خارج السرب الأوروبي وتحل مشاكلها من دون إعطاء أهمية كافية لأوروبا، ولكن هناك أيضاً من يقول: إن الفرنسيين لا يدركون حقاً قوة «الخضة»، التي تعرض لها الاقتصاد الألماني منذ بداية العام، والتي تجبر الحكومة على اتخاذ خطوات من هذا النوع. 

أياً كان حجم الخلاف بين مكوني الاتحاد الأوروبي الرئيسيين فإن استمراه وربما توسعه، قد يؤدي إلى تصدع الاتحاد، وربما تفككه، كما يتخوف بعض الأوروبيين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock